أبى إننى قد دخلت السجون وذقت لظاها وما يصنعون
وعشت سنينا أسام العذاب مع الصحب أجرع ما يجرعون
وألقى الهوان جميع الهوان صباحا مساء وفى كل حين
أبى إننى سوف أحكى إليك قضية سجنى التى يزعمون
على أننى آمل فيك يوما تنادى الرفاق لكى يسمعون
أبى إننى ذات يوم أقيم لسنة خير الورى أجمعين
أرتل بالركن بعض الكتاب وركن به من له يسمعون
وبينا جميعا هدوء سكون رأينا الذين بنا يصرخون
كلاب صغار ولا تدركون أصابتكمو لوثة من جنون
وهيا اركبوا يدكم من خلاف وإياكمو شر ما ت*بون
فإن الحصار يحيط المكان ولن تهربوا إنكم فى كمين
وبين اللصوص ركبنا معا وسار بنا الركب نحو السجون
وظل بنا الركب يجرى ويهدأ إلى أن بلغنا الذى يقصدون
فألفيت سورا يحوط الجدار عليه الكهارب تسقى المنون
وبعد الجدار رأيت الكلاب تحوط المكان وهم ينبحون
وبين الكلاب رأيت الجنود بأسلحة وقفوا ينظرون
ولجنا الدهاليز حتى وصلنا لباب عتيق قضى من قرون
على أن جندا يطوفون حوله ذهابا إيابا وهم ساهرون
كأن المسيخ يعيش لديه وخافوا على الناس ما يفتنون
وللباب ثقب صغير لكى ينظر المرء منه بإحدى العيون
نراقب من خلفه دون أن نرى الجند كيف بنا يبصرون
أبى إننى قد نويت الهروب فقد ضقت ذرعا بما يفعلون
أبى لا تسلنى لماذا الهروب فعيش السجون مميت مهين
ولى عهد ذل به ما تزال بظهرى سياط وجرح ثخين
وقيد بزندى قوى الحديد وقيد برجلى شديد متين
وآثار خنق ضرب كثير وكى وحرق وفعل مشين
وصفع وركل وسب وقذف وجوع طويل ولا ينتهون
أبى إننى لا محال دفين سأرحل فى زمرة الراحلين
وإن شئت أو لم أشأ سأموت وأصبح ذكرى لمن يعرفون
على أننى غير باك علىّ ولست بباك على ذى السنين
سوى أنه فاجع أن أراهم أناسا تذ ل وأخرى تهون
أبى إننى سوف أنهى الخطاب فبلغ لأمى سلامى السخين
وأختى سعاد إليهاالسلام ومن جاء يسأل من الأقربين
عسى أن تكونوا جميعا بخير دعاء بقلب *ير حزين
أبى جمع الصحب واقصص عليهم حياتى التى ما لها من قرين
ونبئهمو أننى لن أعود فقد ضاع عمرى بسجنى رهين